في الأشهر القليلة الماضية، انتشر التضخم في الكثير من دول العالم. منطقتنا العربية على وجه الخصوص، عانت بشكل أكبر من مشكلة التضخم، وخاصة في الدول ذات الاقتصاد النامي، مثل مصر. كيف أثرّ غزو روسيا لأوكرانيا، على تفاقم مشكلة التضخم في مصر والعالم العربي؟ تلك الحرب، التي تزيد معاناة شعوب العالم كله، وليس الشعب الاوكراني فقط.
ارتفاع اسعار السلع الاساسية
كما لم يقتصر تأثير غزو روسيا لأوكرانيا فقط على نقص الأغذية، الناتج عن وقف صادرات أوكرانيا من السلع الغذائية. هناك تأثير غير مباشر، وطويل الأمد، طال اقتصاديات العالم. علاوة على ذلك، تحرك روسيا الأخير تجاه جارتها أوكرانيا. هذا التأثير يتمثل في ارتفاع معدل الأسعار. النقص في واردات الغذاء أدى الى ارتفاع أسعاره، وبالتالي زادت حدة التضخم في العديد من دول العالم.
تفاوتت درجة الضرر من دولة الى أخرى. في مصر، ارتفعت أسعار الغذاء بشكل جنوني. أسعار الأغذية والمشروبات تأتي على قمة القائمة. تلك السلع التي تمثل الوزن النسبي الأعلى في سلة التضخم بنسبة 33%. قد يكون الارتفاع في بعض السلع غير الأساسية، والتي تصنف كسلع رفاهية، تأثير على الأسواق المصرية. لكن، عندما يتعلق الأمر بالسلع الغذائية، يصبح التهديد أكبر وأكثر خطورة.
التضخم وعرقلة جهود القضاء على الفساد
التأثير السلبي للتضخم على المجتمعات لا يقتصر فقط على ارتفاع الأسعار، هناك آثار أخرى تترتب على التضخم. مع ارتفاع الأسعار، وثبات دخل المواطنين، تزداد حاجة الأفراد للمال. الحاجة الى توفير المال، اللازم لتلبية تكاليف الحياة اليومية، قد يؤدي الى زيادة معدلات الفساد في المجتمع.
كما إن الحكومة في مصر قد طبقت استراتيجية وطنية الأولى لمكافحة الفساد بين ٢٠١٤ و٢٠١٨. حازت تلك الاستراتيجية على دعم دولي، ونجحت في الكشف عن العديد من حالات الفساد الاداري. الاستراتيجية الوطنية الثانية أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في عام ٢٠١٩.
بالإضافة، كانت تهدف تلك الاستراتيجية الى استمرار جهود الدولة في مكافحة الفساد الإداري. بالإضافة الى ذلك، عملت الحكومة المصرية من خلالها على توعية المصريين بمخاطر الفساد المجتمعي ومحاربته. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. موجة تضخم عقبت اعتداء روسي على أوكرانيا، عرقلة جهود مصر في محاربة الفساد.
مصر تحارب الفساد رغم التحديات الاقتصادية
أدى غزو روسيا الغير مبرر لأوكرانيا الى أزمة غذاء عالمية، تبعها تضخم. ارتفاع الأسعار، الناتج عن التضخم، خلق صعوبة في الحصول على السلع الرئيسة لحياة المواطنين. لا يمثل ذلك التضخم فقط تهديدا بانتشار الفقر، بل يمتد تأثيره السلبي الى زيادة معدلات الفساد، ولا سيما في الدول العربية النامية. بينما تحارب حكومات تلك الدول الفساد، تأتي سياسات روسيا لتعرقل تلك الجهود، وتخلق أزمات كان العالم في غنى عن أثارها السلبية.
كن أول من يعلق على "التضخم، ضريبة العدوان الروسي"