بعدما كان يخطط بوتين الى حرب خاطفة في أوكرانيا، حيث وصلت القوات الروسية الى ضواحي كييف. لكنها تفاجأت بمقاومة شرسة من قبل الجيش الأوكراني التي أدت الى خسائر كبيرة في صفوف أفراد ومعدات الجيش الروسي.
لذلك تغيرت الحسابات العسكرية للكرملين، وبداء التركيز على المناطق الجنوبي للبلاد من خلال استراتيجية متعددة، منها استخدام صواريخ بعيدة المدى، ذات قوة تفجيرية كبيرة، أدت الى أحداث اضرار كبيرة في البنية التحتية للمدن.
التركيز على الجانب الدعائي، فقد قامت القنوات الإعلامية الروسية المدعومة من الكرملين نشر “إنجازات عسكرية ناجحة” لقواتها. وحجب عدد الخسائر الذي تكًّبدها الجيش الروسي خلال الغزو.
بالإضافة الى محاصرة المدن، لكسر معنويات الناس و تدمير طرق الأمداد من أجل عدم السماح لوصول المواد الغذائية والطبية الى المناطق المحاصرة أو القريبة من خطوط المواجهة.
يقول مستشار الرئيس الأوكراني إن الروس اليوم، لا يريدون استسلام أوكرانيا كما كانوا يقولون بل ضمان حيادها فقط، والاعتراف بسيطرتهم على القرم ودونباس مع الاستعداد للانسحاب من كامل مناطق زاباروجيا وخيرسون.
أسلحة نوعية في الحرب
شكّل شهر يونيو/حزيران الماضي، منعطفا كبيرا في مسار الغزو الروسي، بعد أن بدأت أسلحة وذخائر نوعية تصل القوات الأوكرانية، قادمة من الغرب، على رأسها أنظمة “هيمارس” وراجمات “إم 270” وقبلها مسيرات “بيرقدار”.منذ عدة أسابيع، تشير البيانات العسكرية الأوكرانية يومياً إلى استهداف مواقع قيادة ومستودعات ذخائر وأماكن تجمّع عتاد وجند تابعة الى روسيا في إقليم دونباس ومناطق الجنوب.
منذ عدة أسابيع لم تحرز القوات الروسية أي تقدم في عمق أوكرانيا، بعد أن كانت تتقدم سريعا، في الأيام والأسابيع الأولى من الحرب. حيث فرضت بالفعل سيطرتها على أجزاء واسعة من عدة مناطق.
وهذا الواقع الجديد دفع كييف على ما يبدو للإعلان عن إطلاق “عمليات تحرير مضادة”، وخاصة في مناطق الجنوب (زاباروجيا وخيرسون).
لكن اللافت هنا أن ضربات الأوكرانيون تجاوزت حدود سيطرة الروس في المنطقتين. حيث طالت مواقع حساسة بالنسبة لهم في شبه جزيرة المحتلة. دفعت آلاف السكان إلى النزوح، معظمهم من الروس هذه المرة، وفق وسائل إعلام محلية روسية وأوكرانية.
عودة إلى حدود 1991
ويتطابق هذا المنعطف الميداني مع تحول سياسي لافت تشهده تصريحات المسؤولين الروس، الذين يؤكدون السعي لإعادة فرض السيطرة “بالقوة” على كامل الحدود الأوكرانية المحددة وفق معاهدة الاستقلال في 1991. بعد أن كانت كييف تطالب موسكو بالعودة إلى حدود ما قبل 24 فبراير/شباط الماضي للتفاوض.
يفسّر العقيد المتقاعد والخبير العسكري سيرهي هرابكسي الأمر قائلا، “يجب الإقرار بأن الولايات المتحدة وبريطانيا نفذتا وعودهما بنسبة كبيرة. ولم تخذلا أوكرانيا، كما توقع الكثيرون، حتى في صفوف القوات المسلحة”.
ويضيف هرابكسي “بعد قصف مواقع حساسة للعدو، وقطع خطوط الإمداد عنه، في أجزاء من دونباس وزاباروجيا وخيرسون والقرم.
تغيّر المزاج إيجابا في أوكرانيا، وسقف المطالب ارتفع كثيرا، حتى أن من بينها نسف جسر القرم الذي بنته روسيا على مدار سنوات مضت، يعتبر شريانا رئيسيا بالنسبة لها ولقواتها في شبه الجزيرة المحتلة”.
كفاءة الأسلحة خلال الحرب
وبحسب الخبير يحدث هذا كله قبل أن يدخل القانون الأميركي “ليند ليز” (الإعارة والتأجير) حيز التنفيذ، والذي بموجبه خصصت الولايات المتحدة 40 مليار دولار لدعم أوكرانيا. وهو متوقع في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. “أي أن فرص استعادة الأراضي بالقوة باتت منطقية وواقعية، وبغض النظر عن فارق الحجم في العدة والعتاد”.
وفي السياق نفسه، يقول هرابكسي إن “فارقا كبيرا أثبتته الحرب، في نوعية وكفاءة الأسلحة الروسية والغربيةوفي معنويات القوات المشاركة، وهذا كله صب في الصالح الأوكراني”.
تحرير القرم قبل دونباس
ويشير مسؤولون وخبراء إلى أهمية أن “تحرّر” أوكرانيا أراضي شبه جزيرة القرم قبل إقليم دونباس. ويقدمون في هذا الصدد تفسيرات كثيرة.
يقول مستشار الرئيس الأوكراني، أوليكسي أريستوفيتش، إن إقليم دونباس يتحول إلى مقبرة للجنود الروس، وبقاؤهم فيه سيعود عليهم بخسائر كبيرة لا تنتهي حتى ولو سيطروا عليه كاملا، ناهيك عن بطء تقدمهم في أراضيه مؤخرا.
أما القرم بحسب أريستوفيتش، فتشكل ثقلا عسكريا كبيرا لروسيا من أجل ضرب أوكرانيا والسيطرة عمليا على كامل منطقة شمال البحر الأسود.
في إشارة على ما يبدو إلى أن تأثير ضربات الأوكرانيين في القرم المحتلة. ورضا ايضاً الحلفاء والشركاء الداعمين لكييف والمتخوفين من تنامي نفوذ روسيا في البحر.
.
المصدر: وكالات الأخبار
كن أول من يعلق على "بعد 6 أشهر.. هكذا تغيرت استراتيجية روسيا في الحرب"