اعتقدَ بوتين اليائس أن روسيا “بترسانتها العسكرية الضخمة” قادرة على السيطرة على أوكرانيا وإسقاط نظام الحكم فيها.
في فبراير/شباط الماضي، أمر بوتين قواته بالهجوم على أوكرانيا. مُعتقدا أنه بمقدور جيشه، الذي “يُصنّف ثاني أقوى جيش في العالم”، تحقيق نصر عسكري سريع، وإجبار كييف على الاستسلام. لكن الحرب، التي خُطط لها أن تكون خاطفة، تنحرف عن مسارها بشكل متزايد.
بالإضافة، فإن تجربة بوتين في أوكرانيا لم يمض عليها سوى أشهر قليلة. لكن التخطيط السيئ لها والإدارة العسكرية المتخبطة تعطي انطباعا بأنها تسير في طريق مسدود.
عجز روسيا في بداية الحرب أجبرت بوتين على الانسحاب من شمال أوكرانيا. كما قلصت أهدافه إلى السيطرة الكاملة على إقليم دونباس وبعض المناطق المحيطة به. بعد 7 أشهر، بدت القوة العسكرية الروسية عاجزة عن تحقيق الأهداف الصغرى حتى عندما حصرت تركيز قدراتها على نطاق أصغر.
لا توجد قيادة مثالية تستطيع تحقيق كل ما خططت له في الحروب، لكن عندما يفشل التخطيط في تقدير قوة خصم كأوكرانيا ومدى استعدادها، فإن التخطيط يكون سيئا للغاية.
بوتين: تعويض الخسائر البشرية
أظهرت مشاهد لآلاف الشبان الروس وهم يسعون لمغادرة البلاد عبر المنافذ البرية أو البحث عن تذكرة سفر هربا من استدعائهم للقتال، القلق المتزايد من المستقبل.
حتى لو استطاع بوتين تعويض النقص البشري ا، لناجم عن القتال بين صفوف الجيش. فإن الأمر قد يستغرق وقتا أطول للحصول على نتيجة على الأرض.
كما أنه من غير المؤكد ان استدعاء مزيد من القوات يُمكن أن يُحدث فارقاً فورياً وكبيراً على الأرض بسبب الصعوبات التي تواجهها روسيا في إيصال الإمدادات ونشر معدات عسكرية.
كفاءة تقييم بوتين الاستباقي
الاستنكار الدولي والعقوبات الاقتصادية القاسية على موسكو تطرح بعض الأسئلة التي تُشكك في كفاءة تقييم بوتين الاستباقي للحرب. هل كان يعتقد أن كييف ستستلم بسرعة وأن المجتمع الدولي سيقف على الحياد بينما تعمل روسيا على تدمير السلم العالمي؟ وهل كان يعتقد أن أوروبا ستبقى أسيرة خوفها من التجمد في البرد والعيش دون الغاز الروسي؟
كان تقدير بوتين سيئاً على نحو لم يكن أحد أن يتصوّره. انظروا إلى حلفاء موسكو الذين قاوموا الانخراط في الجهود الدولية لعزلها كالصين والهند. لقد أصبحوا مؤخرا أكثر حذرا من الالتصاق ببوتين ويخشون على مصالحهم.
قد يبدو بوتين يائسا عندما أعلن التعبئة الجزئية. حيث ووافق على ضم مناطق دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون للاتحاد الروسي، وكرر التلويح باستخدام الأسلحة النووية.
عزلة دولية تامة
، ستنجح روسيا في فرض واقع جغرافي جديد، بضم أراض أوكرانية جديدة.
لكنها في المقابل ستُكرس خسارة كل أوكرانيا ودفعها إلى تعميق علاقتها بالعالم. وتصبح دولة منبوذة على الساحة الدولية وربما إلى الأبد هذه المرة. أن الصراعات تصبح أكثر خطورة عندما لا تترك لنفسها وسيلة للخروج من المأزق. هذا ما يفعله بوتين في أوكرانيا تماما. لقد وضع لنفسه أهدافا غير قادر على تحقيقها ولا تترك مجالا للحلول الوسطى التي تحفظ ماء الوجه.
أظهر بوتين بوضوح منذ البداية أنه لا يؤمن بأوكرانيا كدولة موجودة ويعتبرها جزءا من أراضي روسيا التاريخية.
علاوة على ذلك، فإن تقليص بوتين لأهدافه العسكرية. اضافتاً الى رفع الدعم الدولي لأوكرانيا لاسترجاع ما خسرته من أراض من غير المُرجّح أن يدفع كييف إلى التراجع.
الضم المرجح لأراض أوكرانية جديدة سيتطلب التزاما عسكريا وماليا أكبر لروسيا في مواجهة جيش أوكراني يعمل المجتمع الدولي على دعمه. كما إن بوتين يجبر بالسيطرة على الجزء الكبير من دونيتسك التي لا تزال أوكرانيا تُسيطر عليها.
علاوة على ذلك،سيبقى بوتين عاجزا في عكس المد على ساحة المعركة من دون الحد من وصول شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا.
حتى الآن، استهدفت روسيا طرق إمدادات الأسلحة التي تأتي برا عبر بولندا، لكنها لم تستهدف مباشرة أي من هذه الشحنات.
في حين أن هدف بوتين الرئيسي من إعلان التعبئة الجزئية ، هو أن روسيا تعترف بأن الأسلحة الغربية المتقدمة. بدأت هذه الأسلحة في عكس دفة الصراع لصالح كييف، يبقى الجانب الأكثر خطورة في هذا الصراع هو السلاح النووي.
كما إن بوتين لم يتردد في التلويح مجددا باستخدام هذا السلاح عندما يرى أنه يفقد زمام المبادرة في الحرب. رغم قراره في بداية الحرب بوضع الترسانة النووية في حالة تأهب.
كن أول من يعلق على "الغزو الروسي لأوكرانيا يجعل بوتين يائساً"