تبدو الخريطة السياسية والإستراتيجية في الساحل الأفريقي متحركة تتبدل فيها الأجندة. تتحول ضمنها المشاريع المتسابقة لتشكيل واقع جديد. ربما يغير خرائط النفوذ التاريخية لمصلحة لاعبين جدد بالاشتراك مع عوامل تغيير داخلي تفرضه التطورات الطبيعية للنخب الأفريقية. كيف تتشكل الخرائط الجديدة؟ وهل سيتمكن المرتزقة الروس من النجاح في مالي؟
يعاني البلد من عدم من عدم استقرار منذُ عام . 2018 أزمة سياسية عميقة أدت إلى بروز توازنات في ميزان القوى الداخلية. حيث كان طرفاها النظام السياسي برئاسة بوبكر كيتا وقوى المعارضة المدعومة شعبيا ومدنيا. تعمقت الهوّة بينهما، بسبب عوامل عديدة أهمها هجمات الجماعات الإسلامية المسلحة والتباينات في التعاطي معها.
فضلا عن التدهور الاقتصادي والاجتماعي الذي فاقمته جائحة كورونا على نحو أدى إلى حتمية التغيير. وتصاعد الموقف بتشكل حركة “5 يونيو” المطالبة بإسقاط النظام السياسي.
ماذا حدث في مالي؟
حدث انقلابان: الأول على الرئيس بوبكر كيتا، والثاني على الحكومة الانتقالية. وقد عضد هذا بروز توازنات قوى دولية جديدة مثل روسيا، التي لديها القدرة على توفير بدائل عسكرية واقتصادية وسياسية. قد تشكل عامل تشجيع وجذب للنخب الجديدة في المشهد السياسي.
هل تستطيع فاغنر ملء الفراغ؟
لا تتوفر إحصائيات دقيقة لأعداد الجنود الروس العاملين في مالي، ولكن التقارير تتفق على أن قوات فاغنر الروسية تنتشر في المناطق التي تحوي على الثروات المعدنية للبلاد، وستكون موسكو أكثر الجهات الفاعلة استعدادا لملء الفراغ .
والملاحظ بوضوح تطور العلاقات العسكرية، وزيادة المساعدات العسكرية واللوجستية، ففي أقل من 6 أشهر تلقت مالي مساعدات عسكرية متنوعة، راوحت بين رادارات مراقبة حديثة وطائرات هليكوبتر وأسلحة أخرى، وفي أغسطس/آب الحالي تلقت مالي 6 طائرات حربية ومزيدا من المدربين الروس من المتقاعدين والمتعاقدين.
قوات فاغنر محدودة العدد، لكنها ستستخدم البدائل المتاحة، بتجنيد مزيد من المرتزقة، إضافة إلى مزيد من تسليح الجيش المالي، إذ إن اهتمام فاغنر لا يقتصر على مساعدة الجيش بقدر التركيز على مناطق التعدين حيث ينتج المعدنون الماليون نحو 50 طن من الذهب سنويا، وهو ما تهتم به روسيا الدولة من وراء إرسال التعزيزات وتقوية العلاقات، ومن ثم يمكننا القول إن فاغنر منفردة لن تنجح في مالي.
ويبقى السؤال: هل ستتمكن مالي من خلق الاستقرار السياسي بدعم عسكريا من قوات فاغنر الروسية أم إن الواقع سيتغير، بسبب ضعف الجيش المالي، ودخول عامل دعم خارجي متمثل بروسيا يهدف لمزيد من زعزعة المنطقة وسرقة ثروات البلاد؟
المصدر: وكالات الأخبار
كن أول من يعلق على "مالي: كيف سيبدو المشهد السياسي بعد التدخل الروسي؟"