الفجوة الرقمية تصنف الدول العربية حسب استخدامها للإنترنت على الصعيد التجاري أو الشخصي، حيث احتلت دول الخليج مراتب متقدمة.
في 29 أكتوبر/تشرين الأول 1969، أرسل المبرمج تشارلي كلاين رسالة إلكترونية إلى بيل دوفال. كان المخطط لها أن تبدأ بعبارة تسجيل الدخول (LOGIN)، لكن بعد أن استلم دوفال الحرف الأول L والثاني O، انهار النظام. لذلك كان نص أول رسالة إلكترونية عبر الإنترنت هو LO، واعتبر هذا الحدث يوم ميلاد شبكة الإنترنت.
لكن انتشار الإنترنت على نطاق واسع بدأ مع توفر الخدمة تجارياً في الولايات المتحدة الأميركية عام 1989.
الإنترنت في البلدان العربية
بدأت الموجة الأولى من استخدام الإنترنت في البلدان العربية عام 1991، عندما قامت المؤسسة الإقليمية لعلوم الحاسوب والاتصالات، في تونس، بتوفير خدمات الشبكة في مرافقها من خلال خط مستأجر (X.25) حصلت عليه بالتعاون مع المؤسسة الفرنسية لبحوث علوم الحاسوب وأنظمة السيطرة.
مثل التحول نحو الاستخدام التجاري أو العام للإنترنت بين عامي 1994 و1996 نقطة انعطاف في خط سير تطور الإنترنت في العالم العربي. كان بمنزلة المؤشر على وصول الموجة الثانية التي شهدت بداية توفير خدمة الإنترنت لمنشآت الأعمال والمستخدمين المنزليين.
وكان للكويت عام 1994 السبق في توفير خدمة الإنترنت للعموم، بما في ذلك الاستخدام التجاري. وعام 1995، تلاها كل من الإمارات والبحرين ولبنان وفلسطين والمغرب والجزائر.
عام 1996 دخلت الإنترنت تجارياً إلى كل من قطر وعمان واليمن والأردن. ودخلت الخدمة السعودية عام 1996 عبر القطاع الأكاديمي، لكنها لم تتوفر تجارياً حتى العام 1999. أما العراق فكان آخر بلد عربي يوفر الإنترنت تجارياً عام 2000.
فجوة رقمية
بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في البلدان العربية عام 2000 نحو 3 ملايين أي أكثر بقليل من 1% من عدد السكان آنذاك. ونما عدد مستخدمي الإنترنت في البلدان العربية بمعدلات مرتفعة خلال العقدين الماضيين. فبلغ نحو 275 مليونا بنهاية عام 2020، أي ما يقارب 64% من عدد السكان.
لكن الفجوة الرقمية بين البلدان العربية اتسعت بشكل كبير. فانتشار استخدام الإنترنت في بلدان مجلس التعاون الخليجي كاد يصل إلى 100% من عدد السكان (98.2% اعتماداً على أرقام تضمنها تقرير أممي عن الحكومات الإلكترونية لعام 2022). كما سجلت مجموعة دول المغرب العربي (ليبيا وتونس والمغرب والجزائر) انتشاراً للإنترنت بلغ نحو 69%. وسجلت بلدان المشرق العربي (سوريا والعراق ولبنان والأردن وفلسطين ومصر) نحو 65%.
ما نسبة انتشار الإنترنت بالسودان فكانت منخفضة، إذ بلغت 28.4% من السكان، وفي اليمن نحو 26.7%.
لم يقتصر اتساع الفجوة الرقمية على استخدام الإنترنت، فمعظم مؤشرات تكنولوجيا المعلومات والخدمات الحكومية الرقمية والذكاء الاصطناعي تضع بلدان التعاون الخليجي في مقدمة الدول العربية من حيث التطور بهذه المجالات.
جاهزية البلدان تحدد الفجوة الرقمية
يصنف مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي، الذي تصدره مؤسسة أكسفورد إنسايتس (Oxford Insights) سنوياً، دول العالم حسب مدى استعداد حكوماتها لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الخدمات العامة. بناءً على 42 مؤشراً عبر 3 ركائز: الحكومة، قطاع التكنولوجيا، البيانات والبنية التحتية.
وبحسب هذا المؤشر، جاءت بلدان التعاون الخليجي عام 2021 في طليعة البلدان العربية. فاحتلت الإمارات المرتبة 19 عالمياً تلتها قطر بالمرتبة 26، ثم السعودية بالمرتبة 34، ثم عمان بالمرتبة 49، ثم البحرين بالمرتبة 55، وأخيراً الكويت بالمرتبة 63.
أما باقي البلدان العربية فجاءت بعد ذلك. فاحتلت مصر المرتبة 65 وتونس المرتبة 77، والأردن المرتبة 80، والمغرب المرتبة 84، ولبنان المرتبة 94، والجزائر المرتبة 99 والعراق المرتبة 104.
من المتوقع أن تؤدي الفورة النفطية الحالية إلى زيادة الفجوة الرقمية بين بلدان مجلس التعاون وباقي البلدان العربية. فوفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي سيزيد دخل بلدان الخليج العربي بمقدار 1.3 تريليون دولار خلال السنوات الأربع القادمة. مقارنة بما كان متوقعاً قبل ارتفاع أسعار النفط. هذا في الوقت الذي يتوقع فيه استمرار معاناة باقي البلدان العربية من مشاكل اقتصادية مزمنة.
كن أول من يعلق على "الفجوة الرقمية تختلف ما بين الدول العربية.. دول الخليج تتقدم بفارق كبير"